خطّ قطار فائق السّرعة في إفريقيا..حماقة أم مشروع العمر؟

الاثنين 19 تشرين ثاني 2018 من قبل : شادي ملّاك

خطّ قطار فائق السّرعة في إفريقيا..حماقة أم مشروع العمر؟

افتتح الرّئيس الفرنسيّ إيمانويل ماكرون والملك المغربيّ محمد السّادس أوّل خطّ قطارٍ فائق السّرعة في إفريقيا.

هذه القطارات عالية السّرعة وتمتدّ على طول ساحل المحيط الأطلسيّ في المغرب.

اختبار الـTGV


ويجري اختبار قطارات الـTGVذات الطّابقين والفرنسيّة الصنع اليوم قبل إطلاق خطٍّ جديدٍ يربط طنجة بالعاصمة الاقتصاديّة للمغرب الدّار البيضاء في نوفمبر.

وستُصنع القطارات الجديدة من قبل شركة Alstomويمكنها الوصول إلى سرعة 200 ميل في السّاعة. سيقطعون وقت الرّحلة بين المدينتين بأكثر من النّصف إلى ما يزيد قليلًا عن ساعتين. هذا هو ضعف سرعة Gautrainفي جنوب أفريقيا، الّتي تمّ إطلاقها عام 2012، والّتي لا ترقى إلى معايير السّكك الحديديّة العالية السّرعة.

وقد تمّ تطوير المشروع الّذي تبلغ قيمته 2 مليار دولار لمدّة عشر سنوات، بتمويلٍ من حكومات المغرب وفرنسا والمملكة العربيّة السّعوديّة والكويت والإمارات العربيّة المتّحدة.

يتوقّع الملك محمد السّادس والحكومة المغربيّة أن تقوم القطارات بتوفير الثّروة والهيبة للبلاد. لكنّ المعارضين يدّعون أنّهم حماقةٌ باهظة الثمن.

يجري اختبار قطار TGVفائق السّرعة على ساحل المحيط الأطلسيّ المغربيّ.

تعزيز السّياحة


وبحسب تقرير البنك الإفريقيّ للتّنمية في "آفاقه الاقتصاديّة 2016" للمغرب "البنك يواصل إصلاحاته واستثماراته الكبيرة لتحسين مناخ الأعمال وجذب المستثمرين الأجانب".

من المتوقّع أن يؤدّي مسار طنجة-الدّار البيضاء إلى زيادةٍ حادّةٍ في أعداد المسافرين ممّا سيعزّز السّياحة، ويدعم النّموّ الاقتصاديّ الأوسع في المدن، ويستعيد الاستثمار فيها.

وقال محمد ربيع خلي مدير عام مشغّل السّكك الحديديّة الوطنيّة في مقابلةٍ حديثةٍ مع صحيفة لوموند "نهدف إلى ستّة ملايين مسافر سنويًّا بعد ثلاث سنوات من العمليّات التّجاريّة بدلًا من ثلاثة ملايين حاليًّا". وأضاف "هذا سيمكّننا من تحقيق هامش التّشغيل الّذي يتجاوز بكثيرٍ القطارات التّقليديّة ويُحسّن التّنمية".

وأضاف المدير العام أنّ أعداد المسافرين المتزايدة تسبّب في ضغطٍ كبيرٍ على الشّبكة، ممّا يجعل الخطّ الجديد ضرورة. ونفى أن تؤدّي الخدمة الّتي تمّت ترقيتها إلى تكاليف باهظةٍ للمسافرين.

تكيّف مع القوّة الشّرائيّة


وقال خلي "سندير قطاراتٍ مخصّصة للمغاربة وبالتّالي تتكيّف مع القوّة الشّرائيّة للمغاربة".  وشدّد "لا نريد قطارًا مخصّصًا للعملاء المتميّزين".

وقال زهير ايت بنهامو، المحلّل الاقتصاديّ في كليّة فينانسيا للأعمال في فرنسا، إنّ القطارات الجديدة تحمل مخاطر ومكافآت.

وأضاف "نموذج العمل ONCFيستند إلى النّموذج الفرنسيّ الّذي يتمّ فيه دعم القطارات بشكلٍ كبير. إذا لم يتجسّد عدد الرّكّاب في غضون عامين إلى ثلاثة أعوام، فسيكون على الحكومة تقديم الإعانات الماليّة".

يقول بنهامو: "أظنّ أنّ هناك بعض الأماكن الّتي تريد الحكومة تطويرها كمناطق سياحيّة جديدة. يمكنهم أيضًا جذب صانع سيّارات لبناء منشأة. تفكّر بيجو في إنشاء مصنعٍ في القنيطرة، وإذا كان القطار فائق السّرعة يمرّ عبر هذه المدينة فإنّه سيخلق مركزًا لوجستيًا لهم".

سوف يثير خطّ القطار الجديد إعجاب المستثمرين الأجانب، لكن من المرجّح أن يظلّوا حذرين من المغرب، بحسب ريكاردو فابياني، كبير المحلّلين في مجموعة يوراسيا.

ويقول: "إذا كنت رجل أعمال يقرّر تنصيب عمليّة في إفريقيا وكنت مُشتّتًا بين المغرب وبلدٍ آخر، فإنّ هذا النّوع من البنى التّحتيّة الحديثة من الطّراز العالميّ يمكن أن يساعد على إضفاء التّوازن. لكن هناك مشاكل أخرى مع الاقتصاد المحليّ".

يستشهد فابياني بالحكم السّيّئ والفساد كمخاوف رئيسيّة، بالإضافة إلى قضايا "رأس المال البشريّ" مثل نظامٍ تعليميٍّ ضعيفٍ للغاية. وهو يرى أنّ هذه القضايا تعكس أولويّات الحكومة الّتي تشعر بالارتياح إزاء التّنمية غير المتساوية.

ويقول المحلّل: "إنّ السّلطات الحاليّة تقوم بتكرار النّموذج الاستعماريّ في النّظر إلى بعض المناطق مثل طنجة والدّار البيضاء، لكنّنا ننسى بقيّة البلاد. لذلك هناك بنيةٌ تحتيّةٌ عالميّة المستوى في منطقةٍ واحدةٍ وطرقٍ غير مقيّدة في مناطق أخرى".

يمكن أن يوفّر خطّ القطار الجديد دفعةً لصناعة السّيّارات في المغرب.

حملة "Stop TGV"


وقد أدّت هذه التّفاوتات إلى إطلاق حملة "Stop TGV"، وهو تحالفٌ من النّشطاء يجادلون بأنّ الاستثمار يمكن أن يستخدم بشكلٍ أفضل لفشل الخدمات العامّة.

يقول عمر بالافراج، وهو قياديٌّ في الحملة الانتخابيّة وعضوٌ في البرلمان عن اتّحاد اليسار الدّيمقراطيّ: "المغرب بلدٌ فقير، ويجب أن تكون الأولويّة القصوى للتّعليم".

يقول بالافراج ممازحًا إنّه يشعر بحماقة المشروع "رجلٌ يجتمع مع رجلٍ بلا مأوًى يكاد يكون عاريًا، ويطلب منه ما يحتاج إليه. فهو يجيب: "خاتم فقط".

لكن على الرّغم من هذه التّحفّظات، من المؤكّد تقريبًا أنّ هذا المشروع قد أصبح متقدّمًا جدًّا الآن حتّى يتمّ إيقافه. فيما ستقوم خدمة طنجة إلى الدّار البيضاء قريبًا بالتّرحيب بأوّل ركّابٍ لها.