الملاحظات الافتتاحية التي أدلى بها المدير العام لمنظمة الصحة العالمية

الخميس 30 نيسان 2020

الملاحظات الافتتاحية التي أدلى بها المدير العام لمنظمة الصحة العالمية

صباح الخير ومساء الخير جميعاً، أينما كنتم،
 
اعتباراً من اليوم، ستكون ثلاثة أشهر قد مضت منذ أن أعلنت فاشية فيروس كورونا الجديد طارئةً من طوارئ الصحة العمومية التي تثير قلقاً دولياً.

 واليوم أودّ أن آخذ بضع دقائق للعودة إلى الفترة التي سبقت هذا الإعلان، لأكون واضحاً حول ما كانت المنظمة تعرفه آنذاك، وما فعلناه بشأنه.

في 31 كانون الأول/ ديسمبر، التقط نظام الاستخبارات الوبائية للمنظمة تقريرا عن مجموعة حالات التهاب رئوي مجهول السبب في ووهان، الصين.

وفي اليوم التالي، اليوم الأول من السنة الجديدة، طلبت المنظمة من الصين المزيد من المعلومات بموجب اللوائح الصحية الدولية، ونشطنا فريق دعم إدارة الحوادث لدينا لتنسيق الاستجابة بين المقر الرئيسي ومكاتبنا الإقليمية والقطرية.

 وفي 2  كانون الثاني/يناير، أبلغت المنظمةُ الشبكة العالمية للإنذار بحدوث الفاشيات ومواجهتها (GORAN) التي تضم أكثر من 260 مؤسسة في أكثر من 70 بلداً.



 وقد صادف يوم أمس الذكرى العشرين لتأسيس الشبكة العالمية، وأود أن أغتنم هذه الفرصة لأتمنى لها ذكرى طيبة ولأشكر وأهنئ كل عضو من أعضاء الشبكة على التزامهم بالاستجابة لجائحة كوفيد-19 والعديد من حالات الطوارئ الأخرى. نحن فخورون جداً بالعمل معكم.

وفي 3 كانون الثاني / يناير، قدمت الصين معلومات إلى المنظمة من خلال اجتماع مباشر في بيجينغ، ومن خلال نظام المعلومات عن الحدث الذي أنشأته المنظمة بموجب اللوائح الصحية الدولية.

 وفي 4 كانون الثاني/يناير، أبلغت المنظمة عن مجموعة الحالات على تويتر. وفي تلك المرحلة لم يتم الإبلاغ عن أي وفيات.

في 5 كانون الثاني/يناير، تقاسمت المنظمة معلومات تقنية مفصلة من خلال نظام المعلومات عن الحدث. وشمل ذلك تقديم المشورة إلى جميع الدول الأعضاء ومراكز الاتصال المعنية باللوائح الصحية الدولية لاتخاذ الاحتياطات اللازمة للحد من خطر تفشي العدوى التنفسية الحادة - وتقديم الإرشادات على أساس أن هناك إمكانية لانتقال العدوى من إنسان إلى آخر.

 وفي اليوم نفسه، أصدرت المنظمة أول أخبار عامة عن فاشيات الأمراض، ونشرت معلومات تقنية لأوساط العلماء والصحة العمومية بالإضافة إلى وسائل الإعلام العالمية.



 وفي يومي 10 و11 كانون الثاني/يناير، نشرت المنظمة مجموعة شاملة من الإرشادات حول كيفية اكتشاف الحالات وفحصها وتدبيرها العلاجي وحماية العاملين الصحيين من الانتقال المحتمل للعدوى بين البشر، استناداً إلى خبراتنا السابقة مع فيروسات كورونا.
 
ونشرنا أيضاً قائمة مرجعية عن التأهب لمساعدة البلدان على تقييم قدراتها وثغراتها في مجالي الكشف والاستجابة.

ولأن ووهان مركز رئيسي للنقل المحلي والدولي، أشارت المنظمة أيضا إلى ارتفاع مخاطر الإبلاغ عن حالات خارج ووهان.

 وفي 11 كانون الثاني/يناير، تقاسمت الصين التسلسل الجيني للفيروس مع سائر البلدان لاستخدامه في تطوير أدوات الاختبار.



 وفي اليوم نفسه، أبلغت الصين عن أول وفاة ناجمة عن فيروس كورونا الجديد.

وفي 13 كانون الثاني/ يناير، تم الإبلاغ عن أول حالة خارج الصين، في تايلند.

 وفي ذلك اليوم، نشرت المنظمة، بالتعاون مع شركائها، أول إرشادات عن كيفية إعداد وحدات الاختبارات التشخيصية القائمة على تفاعل البوليميراز المتسلسل، لتمكين العالم من تقصي الحالات.

وفي 14 كانون الثاني/يناير، نشرت المنظمة تغريدة على تويتر تفيد بأن التحريات الأولية للسلطات الصينية لم تجد أي دليل واضح على انتقال العدوى من إنسان إلى آخر.

 ويتماشى ذلك مع ممارستنا المتمثلة في إبلاغ العالم بالمعلومات التي تقدمها البلدان إلينا. فنحن ننشر التقارير القطرية كما هي.



غير أن المنظمة عقدت، في وقت سابق من اليوم نفسه، مؤتمراً صحفياً ذكرنا فيه أنه استناداً إلى خبراتنا السابقة مع فيروسات كورونا، فإن هناك احتمالية لانتقال العدوى من إنسان إلى آخر. وقد شارك كبار خبرائنا في ذلك المؤتمر الصحفي، وتناقلت وسائل الإعلام الكبرى تلك الأخبار.
 
وفي يومي 20 و21 كانون الثاني/يناير، زارت بعثة من موظفي المنظمة مدينة ووهان، وأفادوا في يوم 22 كانون الثاني/يناير بأن الأدلة تشير بالفعل إلى انتقال العدوى من إنسان إلى آخر.
 
ثم في يومي 22 و23 كانون الثاني/يناير، عقدتُ لجنة الطوارئ التي تتألف من 15 خبيراً مستقلاً من جميع أنحاء العالم. وفي ذلك الوقت، كان قد تم الإبلاغ عن 581 حالة، من بينها 10 حالات فقط خارج الصين. وانقسمت الآراء في لجنة الطوارئ آنذاك، ولم تشر علي بإعلان طارئة صحية عمومية تثير قلقاً دولياً.
 
وطلبت اللجنة أن تجتمع من جديد في غضون 10 أيام أو أقل لإتاحة الوقت لجمع المزيد من المعلومات والبيّنات والنظر فيها.
 


وفي 27 كانون الثاني/يناير، سافرت إلى بيجينغ مع مدير برنامج الطوارئ الصحية في المنظمة، الدكتور مايك ريان، وغيره من كبار موظفي المنظمة، والتقيت بالرئيس تشي جين بينغ وقادة آخرين لمعرفة المزيد عن جهود الاستجابة الجارية وعرض مساعدة المنظمة.

 وناقشنا خطورة الوضع واتفقنا على إيفاد فريق دولي من العلماء إلى الصين للنظر في نطاق الفاشية وجهود الاستجابة، بمن في ذلك خبراء من الصين وألمانيا واليابان وجمهورية كوريا ونيجيريا والاتحاد الروسي وسنغافورة والولايات المتحدة الأمريكية.

 وفي 30 كانون الثاني/يناير، عقدتُ لجنة الطوارئ من جديد، وبعد تلقي مشورتهم، وفي ضوء المعلومات الجديدة المتاحة لهم، تم التوصل إلى توافق في الآراء وأعلنتُ الوضع طارئة صحية عمومية دولية – وهو أعلى مستوى إنذار لدى المنظمة.
 
وفي ذلك الوقت، كما تذكرون، كان عدد الحالات خارج الصين أقل من 100 حالة دون وفيات. وعلى وجه التحديد، كان لدينا 82 حالة خارج الصين دون وفيات، عندما أعلنا أعلى مستوى من الطوارئ الدولية.

 لقد تصرفت المنظمة، منذ البداية، بسرعة وحزم للاستجابة ولتحذير العالم.


لقد قرعنا جرس الإنذار مبكراً وقرعناه مراراً.

وكررنا المرة تلو الأخرى أن أمام العالم فرصة سانحة للاستعداد وللوقاية من انتقال الفيروس على نطاق واسع.

 وبدأنا مبكراً عقد مؤتمراتنا الصحفية. وكان يُقال لي إن العالم سيمل منك إذا عقدت مؤتمرا صحفيا كل يوم، ولكننا لم نمانع. أردنا التأكُّد من أن العالم يستوعب ما تقوله المنظمة.

 إن منظمة الصحة العالمية ملتزمة بالشفافية والمساءلة.

 ووفقاً للوائح الصحية الدولية، سأعقد لجنة الطوارئ مجدداً يوم غد – حيث مضت 3 أشهر تقريباً منذ إعلاننا أعلى حالة طوارئ طبقاً لمشورة لجنة الطوارئ- من أجل تقييم تطور الجائحة وتقديم المشورة بشأن التوصيات المحدَّثة.

وخلال الأشهر الثلاثة التي انقضت منذ اجتماع لجنة الطوارئ آخر مرة، ظلت المنظمة تعمل يوماً بعد يوم لدق ناقوس الخطر وتقديم الدعم للبلدان وإنقاذ الأرواح.



 عملنا مع البلدان لمساعدتها على التأهب والاستجابة.

 وجمعنا البلدان معًا لتبادل الخبرات والدروس المستفادة.

 وجمعنا آلاف الخبراء لتحليل الأدلة المتطورة وبلورتها في إرشادات عملية.

وعقدنا اجتماعات للباحثين من جميع أنحاء العالم لتحديد الأولويات البحثية.

وبدأنا تجربة سريرية دولية كبيرة لإيجاد إجابات سريعة عن الأدوية الأكثر فعالية.

وشكلنا تآلفاً من البلدان والشركاء لتسريع وتيرة تطوير اللقاحات ووسائل التشخيص والعلاجات وتوزيعها بإنصاف عالمياً.

 وشحنّا ملايين الوحدات من أدوات الاختبار وأطنان معدات الوقاية إلى شتى أنحاء العالم، مع التركيز على البلدان التي هي في أمس الحاجة إلى دعمنا.

 ودربنا أكثر من 2 مليون عامل صحي،  2.3 مليون عامل صحي على وجه الدقة، من مختلف أنحاء العالم. ولا نعتقد أن ذلك يكفي، وسندرب المزيد منهم.



 وعملنا مع شركات التكنولوجيا لمكافحة سيل المعلومات المضللة.

 وأبقينا العالم على اطلاع بطرق متعددة، من بينها هذه المؤتمرات الصحفية المنتظمة والإجابة على ما لديكم من أسئلة.

وجمعنا الفنانين لبث الموسيقى والضحك، حتى في هذه الأوقات الحالكة، وأستغل هذه الفرصة لتوجيه الشكر لهيو إيفانز من حركة "المواطن العالمي" وليدي غاغا.

 وشاهدنا بإعجاب كيف تضافر العالم لمحاربة هذا العدو المشترك.

 وشاطرنا الكثير من الناس حول العالم حزنهم وآلامهم، كما نشاطرهم الأمل في أن نتغلب على هذا الوباء معا.

 هناك شيء واحد لم نفعله: لم نستسلم قط، ولن نستسلم أبداً.



 إن التزامنا راسخ بخدمة جميع شعوب العالم بالعلم والتضامن والحلول، ولكن قبل كل شيء بالتواضع والاحترام لجميع الشعوب والأمم.

 وتعمل المنظمة الآن على تقديم الاستراتيجيات والحلول والإمدادات الحاسمة التي ستحتاج إليها البلدان في الأسابيع والأشهر المقبلة.

وكل ما نطلبه هو الوحدة على الصعيد الوطني والتضامن على الصعيد العالمي. فلا مناص للجنس البشري من الوقوف صفاً واحداً معاً، اليوم أكثر من أي وقت مضى، لدحر هذا الفيروس.

لقد قلت ذلك من قبل: إن بإمكان هذا الفيروس أن يعيث في الأرض فسادا. فهو أشرس من أي هجوم إرهابي. وبإمكانه أن يسبّب اضطرابات سياسية واقتصادية واجتماعية. ولكن الخيار لنا، وينبغي أن يكون هذا الخيار هو الوحدة على الصعيد الوطني. ينبغي أن يكون هذا الخيار هو الوحدة في التضامن العالمي.

 
شكراً لكم.


المصدر : https://www.who.int