شحّ الدولارات في لبنان

الجمعة 20 أيلول 2019

شحّ الدولارات في لبنان

 

لاحظت وكالة رويترز أنّ اضراب محطات البنزين في لبنان لا علاقة له بالوقود لكن بالدولارات اللازمة لدفع ثمن الوقود، بمعنى آخر انّه احتجاج على شح الدولارات.

فادي أبوشقرة المتحدث باسم موزعي الوقود اختصر أزمة قطاعه "النازف" بالقول:"يدفع لنا الزبائن بالليرة اللبنانية، لكننا نريد الدولارات لندفع للمستوردين، من أين نحصل على الدولارات إذا كانت البنوك لا تعطينا".

وفي اختصار، تأتي  الأزمة النقدية العامة في لبنان من  ركود الاقتصاد وتباطؤ اللبنانيين في ضخ الدولارات، وتراجع احتياطات مصرف لبنان من النقد الأجنبي، ما أسفر عن عجز الشركات في شراء الدولارات الذي تحتاجه من البنوك، فاضطر البعض للذهاب الى الصيارفة الذين يبيعون الدولار بأغلى من سعره الرسمي.

هذه الأزمة جديدة على لبنان الذي لم يشهد مثيلا لها منذ حربه الأهلية، تزامنا مع توترات سياسية وإقليمية، إضافة الى استضافة أكثر من مليون لاجئ سوري.

والأخطر، أنّ لبنان يرزح تحت دين عام يُعتبر من أعلى المعدلات في العالم، فوصل الى ١٥٠٪من الناتج المحلي الإجمالي السنوي.

لذلك أعلنت الحكومة اللبنانية حالة الطوارئ،ودعا رئيس الجمهورية العماد عون الى التزام التقشف، في وقت أعلن وزير المالية علي حسن خليل أنّ الوضع الاقتصادي صعب لكنّ الدولة اللبنانية ليست "دولة منهارة"ماليا.

حاكم مصرف لبنان رياض سلامه مع اتحاد المصارف اللبنانية طمأنا  أنّ الدولار مؤمن اذا أرادت البنوك شرائه.

مصرفي بارز، رفض الكشف عن اسمه قال لرويترز:"يعطي البنك المركزي حصة يومية من الدولارات لكل بنك، لكنّ الناس يطلبون من البنوك دولارات تزيد عن تلك الحصص".

وتابع المصرفي:" إنّها المرة الأولى في تاريخ القطاع المصرفي اللبناني التي لا يتم فيها تلبية الطلب على الدولارات في السوق بهذه الطريقة".

في المقابل نفت المصادر المصرفية وجود مشكلة في السحب من حسابات الودائع بالدولار أو الليرة، كما ذكرت رويترز، حتى أنّ مصرفية أعلنت أنّه" ليست المشكلة في شح الدولارات إنما في الطلب المرتفع".

لكن في الواقع يُلاحَظ أنّ هناك صعوبة أو المزيد من التكلفة في الحصول على الدولارات، وتستغرق البنوك أياما لتحويل الشيكات بالليرة الى دولارات، وفي بعض الأحيان تتعثّر هذه العملية المصرفية.

وتناضل السلطات اللبنانية المعنية من أجل الاستمرار في تثبيت سعر الليرة اللبنانية المربوطة بالدولار في مستواها الحالي، رامية الى حماية مدخرات اللبنانيين وقدرتهم الشرائية، في ظل جمود "قاتل" للحركة التجارية والعقارية والسياحية...

ويأمل المصرف المركزي من تعزيز احتياطاته التي تراجعت بحدود ١٥٪نتيجة عوامل عدة، منها انكماش التحويلات من الخارج.

ويأمل أن تتعزز عمليات شحن الاحتياط كما حصل مؤخرا في الإيداع الأخير الذي بلغ ١،٤مليار دولار، والذي أنعش سقف ال٣٨،٧مليار دولار المؤمنة في المصرف المركزي والتي يمكن أن تستنزفها خدمة الدين العام وضغوط الطلب.

ولا شك أنّ تعهد دول أجنبية بتقديم ١١مليار دولار في اطار سيدر مدته ١٢ عاما يُنعش، لكنّه غير كاف من دون إصلاحات عامة وخاصة تتعلّق بثقافة الحياة اليومية للبنانيين، وفي الحالتين يبدو الإصلاح صعبا أو شبه مستحيل.