رأي السبّاق: المطلوب فوراً تشكيل حكومة لبنانية

الخميس 24 أيار 2018

رأي السبّاق: المطلوب فوراً تشكيل حكومة لبنانية

يدخل لبنان مرحلة سياسية جديدة هي تشكيل الحكومة بعدما اكتمل عقد مجلس النواب الجديد.

وستواجه الحكومة المنتظرة تحديات كبيرة منها الوضع الاقتصادي المريض والدين العام المرتفع جدا وغير المحتمل .

سياسيا: تبدو معظم الأطراف السياسية متفقة على التعجيل في التوافق على الحكومة.

اقتصاديا: تحذّر المؤسسات الدولية لبنان من مخاطر عدم تشكيل حكومة وعدم تحقيق خطوات أولى في الإصلاحات المطلوبة في الفترة المتبقية من هذا العام.

ولكن هل تجد هذه التحذيرات الآذان الصاغية عند السياسيين اللبنانيين الذين يعتمدون سياسة "تقساسم الجبنة" في وضع اقتصادي شبه منهار؟

المديونية العالية


فلبنان ثالث أكبر دولة مدينة في العالم، ووصل دينه الى أكثر من ١٥٠٪ من الناتج المحلي، ويتعرض اقتصاده لضغط أكثر من مليون لاجئ سوري. وحذّر صندوق النقد الدولي من ارتفاع المديونية الى ١٨٠٪ في العام ٢٠٢٣ إذا لم تتم المعالجات الفورية، فترفع من معدلات النمو بعد هبوطها الداراماتيكي، وتعمل على إعادة صوغ شبكة السياحة العربية-الخليجية، ووتفعيل حركة العقارات  التي تواجه صعوبات جمّة.

وباعتراف رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري فانّ البطالة تجاوزت ٣٠٪، ويكشف برنامج الأمم المتحدة ان عدد الفقراء ارتفع نحو الثلثين منذ العام ٢٠١١.

تدابير المصرف المركزي


والسؤال المطروح الآن، إذا كان مصرف لبنان المركزي استطاع في السنوات الماضية أن يحافظ على الاستقرار  عبر فزلكات مالية غير تقليدية فإلى متى يستطيع ابتكار هذه الفذلكات مستعينا بمليارات الدولارات من ودائع المغتربين اللبنانيين التي انقذت لبنان من تداعيات اغتيال الرئيس رفيق الحريري وحرب تموز بين إسرائيل وحزب الله في ظل تداعيات إعادة إعمار لبنان من دون جدوى اقتصادية-اجتماعية؟

لكنّ الاستقالة الغامضة التي أعلنها الرئيس سعد الحريري من الرياض كشفت خطورة الاعتماد الزائد على هذه الودائع الاغترابية خصوصا أنّ عددا من اللبنانيين أبدل في هذه المرحلة السياسية الحرجة التي مرّ فيها لبنان عملته الوطنية بعملة خضراء، كما حوّل أموالا الى الخارج، فهبطت الأصول الأجنبية للمصرف المركزي ١،٦مليار دولار في شهر الاستقالة .

من هنا الاستنتاج أنّ هذه الازمة السياسية العابرة والقصيرة الأمد كشفت هشاشة مالية فكيف إذا واجه لبنان صدمات أكبر؟

التعجيل الضروري

انطلاقا من هذه المعطيات، يبدو لبنان محكوما بالتعجيل بتشكيل الحكومة دعما للثقة العامة، ولعودة التدفقات المالية المنعشة، والأهم أنّ مصرف لبنان لم يعد يملك الكثير من الخيارات ، وهو نجح فعلا في تأمين نمو بطيء ومحدود، واحتياطات أجنبية مرتفعة نسبيا، لكنّ المرحلة المقبلة تحتاج الى حكومة تصنع سياسات اقتصادية متينة تتوافق مع رؤية تتخطى حتى الهندسة التي أقدمت عليها وزارة المالية بتدبير حاجاتها التمويلية بالعملة الأجنبية للعام ٢٠١٨من خلال مقايضة دين بقيمة ٥،٥مليار دولار مع المصرف المركزي ما خفّض تكلفة خدمة الدين العام.

ماذا بعد؟


المطلوب اذا، التعجيل في تشكيل الحكومة للانطلاق في ورشة إصلاحية لدعم النمو وتقليص الدين، وهذا ما يطالب به المجتمع الدولي إضافة لمكافحة الفساد، مقدمة لتقديم العون الى لبنان الواقف على شفير الهاوية.